التداول في أبسط صورة

في هذا الموضوع سوف نتطرق لمفهوم التداول بشكل بسيط وسهل مع تناول أمثلة نحاول من خلالها اختصار بعض التفاصيل ونحاول الوصول لمستوى تستطيع من خلاله فهم مبادئ وأساسيات المضاربة بشكل واضح.

المفاهيم التي سوف نتحدث عنها اليوم يتساوى فيها الكلام سواء عن سوق الأسهم والسندات أو سوق العملات، في كلتا الحالتين نحن أمام سوق متحرك وأرباح محتملة ونريد أن نحجز لنا مكان في هذا السوق الرابح وتجنب قدر الإمكان مخاطر الخسارة أو أن ينتهي المطاف بسوق ليس به الربح المقصود ويكون مصيرنا هو خسارة الوقت والمجهود.

كيف يتحرك سعر العملة أو السلعة صعودا أو هبوطا

المحرك الأساسي لسعر شركة أو سلعة أو عملة هو نشاطها في السوق الإقتصادي، وكلما كان آداء الشركة أو البلد قويا وثابتا، كلما انعكس هذا الأداء بشكل إيجابي على موقعها في سوق البورصة أو سوق المال، لذلك نجد أن السعر في البورصة يتأثر بشدة بعد النشرات الإقتصادية والتي تحمل أخبار قد تدعم أو تقلل من مستويات الأسهم في البورصة، وهناك نوع من التحليل يعمل به العديد من الخبراء للمضاربة في السوق بناء على هذه الأخبار أو التقارير، ويطلق على هذا التحليل اسم “التحليل الأساسي”.

شكل حركة السعر
شكل حركة السعر

وإذا جسدنا مستويات السعر الترددية المختلفة والتي تحدث على مدار الأسبوع أو الشهر، سوف نجد أن السعر قد اتأخذ شكل موجي لتجسيد حركة السعر الترددية كما في الشكل السابق ، فالسعر يصعد في فترة ويظل فترة محافظا على صعوده، وبعد فترة نجد أن هناك هبوطا أو ارتدادا قصيرا في السعر يظل فترة معينة قبل أن يعاود الصعود مجددا، وبعد فترة يعود السعر للهبوط مرة أخرى وقد تشكل فترة الهبوط تلك فترة زمنية كبيرة يتخللها بعد فترات الصعود البسيطة، وهكذا.



وتكمن مهارة المضارب في التعرف على اتجاه السعر الأساسي هل هو صاعد أم هابط، ومن ثم أختيار وقت استقرار السعر كي يستطيع حجز له مكان في الموجة الصاعدة والصعود معها لنقطة الإستقرار أو الهبوط التالية، وعند ادراك نقطة الهبوط تلك، يكون هو الوقت المناسب للخروج من المضاربة بالربح المطلوب، وتكرار هذه العملية مرارا وتكرارا لتحقيق الأرباح المخطط لها.

الفرق بين سوق الأسهم وبين سوق المال (الفوركس)

هناك فرق مهم في التعامل مع حركة السعر الموجودة في سوق الأسهم عنها في سوق الأموال المسمى بالفوركس، باختصار الربح في سوق الأسهم يكون من خلال صعود سعر السهم، أما في الفوركس فتستطيع الربح من حركة سعر العملات سواء كان صاعدا أما هابطا.

سوق الأسهم يعبر عن سعر شركة أو هيئة معينة في سوق البورصة، لذلك عندما نجد سعر شركة مثل شركة أبل مثلا في صعود، فهذا معناه إن هذه الشركة في حالة ربح، وصعود السعر بشكل مستمر يعبر عن استمرارية الربح لهذه الشركة، وعلى الجانب الآخر عند هبوط السعر فهذا يقلل من نجاح الشركة وينصرف عنها المضاربين لتحقيقها خسائر يخشى معها المضارب التواجد معها في المضاربة.

أما حركة السعر في سوق المال فهي تختلف، لإنه لا يتم التعامل مع العملات بشكل منفرد، ولا يوجد سعر منفرد للدولار، فدائما ما يكون سعر الدولار مقابل عملة أخرى، فهناك سعر للدولار مقابل الجنيه، مقابل الريال، مقابل اليورو، وعلى هذا الشكل يتم التداول، التداول في سوق المال يتم بشكل زوجي، فأنت تشتري عملة مقابل عملة أخرى في نفس الوقت، مثل الذهاب إلى سوق الصرافة، تذهب ومعك عملتك المحلية لإستبدالها بالدولار أو اليورو أو الإسترليني، وذلك لأن التعامل في سوق العملات لابد أن يتم بشكل زوجي.

معنى هذا إنه إذا كان سعر الزوج EUR/USD اليورو / دولار في صعود، فهذا معناه إن عملة اليورو تصعد والدولار يهبط امامها، وليس معنى هبوط الدولار أمام اليورو هو هبوطه أيضا أمام باقي العملات، إطلاقا، فقد يكون الين الياباني في حالة ضعف تسمح للدولار بالصعود أمامه، وهكذا.

لذلك إذا كان الزوج EURUSD في حالة صعود، فما هو التصرف المناسب للربح من هذا الزوج، هل نقوم بعملية شراء أم بيع للزوج؟

الإجابة هي نقوم بعملية شراء حتى نربح من تفوق العملة الأولى (EURO)  إما إذا كان الزوج في حالة هبوط، فمعنى هذا أن الدولار يحقق مكاسب أمام اليورو، وعليه فإن العملية المناسبة للربح من هبوط الزوج EURUSD هو الدخول في عملية بيع للزوج حتى نستفيد من ضعف قيمة العملة الأولى (EURO) أمام الدولار، هذا شرح مبسط لعملية مضاربة بسيطة في سوق الفوركس.

باختصار كما ذكرنا، في سوق الأسهم تستطيع الربح في حالة صعود سهم الشركة فقط، أما في حالة الفوركس، فتستطيع الربح في كلا الحالتين سواء كان سعر الزوج المالي هابط أم صاعد. وليس هبوط الزوج في الفوركس معناه خسارة مطلقة، فهناك من يستطيع الربح من هبوط الزوج.

لذلك في الفوركس قد لا تجد كلمات بيع وشراء، لإنها لا تعبر بدقة عن حالة المضاربة، هناك كلمات بديلة يستخدمها المضارب في سوق الفوركس على وجه التحديد. بدل Buy  من الممكن استخدام كلمة Long وبدل بيع من الممكن استخدام كلمة Short.

معرفة الحركة الرئيسة لاتجاه السعر.

كما ذكرنا في الفقرة السابقة أن الربح في المضاربة في سوق المال يكون في كلتا الإتجاهين سواء كان سعر الزوج في صعود أو هبوط، لذلك من المهم معرفة اتجاه الحركة الرئيسية للسعر قبل الدخول في مضاربة، معرفة اتجاه حركة السعر ليس بالشئ العسير أو هو ليس أول مخاوف المضارب ومشاكله، مهمة المضارب الأساسية والتي تضمن له الربح هو قراءة حركة السعر بشكل صحيح، والدخول في المضاربة في المستويات المناسبة.

كلمات مثل “قراءة حركة السعر” أو “مستوى المضاربة المناسب” قد تبدو بسيطة ولكنها تعمل عبء المضارب ومعاركه اليومية.

التكنولوجيا الحديثة والبرامج المختلفة توفر أدوات قيمة ومتقدمة تستطيع من خلالها معرفة اتجاه حركة السعر الرئيسية بشكل دقيق إلى حد كبير، فهناك أدوات قياس الأمواج، وهناك التحليل الفني، والتحليل الأساسي. كل هذه الطرق  وأخرى عديدة تساعدك في معرفة الإتجاه الأساسي لحركة السعر، بجانب طبعا الرؤية العينية للرسوم البيانية والتي توضح إذا كانت أمواج السعر في حالة صعود أو هبوط.

الدخول في مضاربة والإلتحاق بموجة الربح

ولكن تظل مهمة المضارب الرئيسية هي استغلال الفرصة المناسبة للحاق بموجة الربح سواء كان الموجة صاعدة أو هابطة، فعندما يكون السعر في حركة سريعة يكون من الصعب جدا الدخول في عملية يكون بها حركة السعر بمثل هذه القوة والسرعة، وكمثال على ذلك انك لا تستطيع ركوب قطار وهو في حالة حركة، فما بالنا ويكون في حركة سريعة قد تؤدي محاولتك اللحاق به إلى إصابات فورية وشديدة، فبالتأكيد سوف يكون هناك ضرر بالغ ولن تستطيع الركوب بشكل سليم، ولكن للإلتحاق بالقطار عليك انتظاره في المحطة ودفع الرسوم المناسبة وركوبه بهدوء وثقة، اما التأخر في الوصول لمحطة القطار،  أو محاولة الصعود إليه متأخر لن يكون الطريق السليم للوصول لمحطته الإخيرة، بجانب خسارتك للنقود.

نفس الشئ بالنسبة لحركة السعر، فهناك محطات وقوف ينتظر عندها السعر لفترة لإلتقاط الإنفاس والإرتداد لإسفل قليلا بعد رحلة مضاربة طويلة، ويستغل المضارب هذه الفترات للإلتحاق بقطار سعر السهم، ولكن يظل الشاغل الأكبر للمضارب في هذه الحالة هي حسابات خاصة بمكان محطة الوقوف هذه، فترة الإنتظار، المحطة المناسبة للألتقاط السعر، دفع الرسوم المناسبة، كثير من الحسابات تشغل رأس المضارب قبل الدخول في عملية مضاربة يتوقف عليها نجاح المضاربة بالكامل، وهي بالتأكيد حسابات ليسة هينة أو بسيطة، وتختلف باختلاف خبرة المضارب وأدواته وأسلوبه في المضاربة.



 

المضاربة والتحليل الموجي (موجات اليوت)

الإحتياج الشديد لمعرفة اتجاه حركة السعر وأوقات الإرتداد أو الهدوء قبل استئناف حركة السعر أدى إلى ظهور العديد من أدوات وأساليب التحليل المختلفة، وبما أن الشكل الموجي هو الشكل الأساسي المعبر عن حركة السعر أو السهم في حال ما رصدنا هذه الحركة في رسم بياني، فكان من الطبيعي أن نجد من يحلل هذه الأمواج ويستنبط منها أنواع عديدة يتحرك من خلاله السعر، ومن خلال هذا التحليل نجد أنه بالرغم من إن هناك تشابه في الشكل الموجي لحركة السعر، إلا إنها تنقسم إلى العديد والعديد من الأنواع، فليست كل الأمواج متشابهه وليس لها نفس الحركات والترددات. فهي تختلف سواء في حركتها أو تقسيماتها الداخلية.

محلل هذه الموجات ومستكشفها يدعى “اليوت” ولذلك تم تسمية هذه الموجال على اسمه، فهي تعرف اليوم بـ “موجات اليوت” أو “ألتحليل الموجي” وعند قراءة هذا المصطلح ندرك على الفور أن هذا المضارب يتخذ من تحليل حركة الأمواج منهج رئيسي لمعرفة حركة السعر واختيار الوقت المناسب للمضاربة.

من خلال هذه النظرية يستطيع العديد من المضاربين معرفة الموجة الرئيسية وكيفية التعامل معها، أيضا معرفة المستويات التي قد يتوقف عندها السعر لفترة، وفي حالة ارتداد السعر في الإتجاه المعاكس، من الممكن معرفة مستويات الإرتداد أيضا، ومعرفة المستويات المحتملة للصعود واستئناف الحركة لأعلى مرة أخرى.

هي نظرية مهمة جدا ثبت نجاحها على مدار السنين، وأيضا هناك العديد من المضاربين قامو باكتشاف قواعد أخرى منبثقة منها تساعدهم في معرفة مستويات المضاربة المختلفة بشكل دقيق.

لن نتناول تفاصيل هذه النظرية هنا، ولكن بالتأكيد سوف نفرد لها مواضيع أخرى نحاول من خلالها تبسيط قواعدها وكيفية تطبيقها والعمل من خلالها، فهي نظرية مهمة جدا، وهنا في الموقع نعتمد عليها بشكل كبير في تحليل العملات ومعرفة الموجات الرئيسية ومستويات الإرتداد وكيفية الإستفادة من ارتداد السعر في الدخول في مضاربات في التوقيت المظبوط والمستوى المناسب.

عالم الفوركس والمضاربة بشكل عام هو عالم شيق جدا وملئ بالتحديات، في الغالب تكمن المشكلة الرئيسية لأي مبتدئ هو البداية الصحيحة، والكل يحاول تقديم كل ما بيده في محاولة تلخيص وتبسيط المعلومات المعقدة حتى يجد المبتدئ نفسه أمام تعريفات سهلة وبسيطة تسهل له مهمة الدخول في هذا العالم المهم الكبير.